دوام الخميس !

و حل الخميس، ذات اليوم الذي تكرر مئات المرات، استعجالٌ في إنهاء الأعمال و إزاحة المتبقي منها لغياهب المستقبل، تحل الظهيرة و كالعادة أتفاجأ بحجم الإنجاز.

مراجعة سريعة وتحديث لعمر المشاريع، هل كَبُرَت؟ أم ما زالت تتحاشى النضج؟ أستمر في محاولاتي لإقناعها أن التقدم هو سنة الحياة، توافق بخجل و خوف، لست متأكداً هل ستغير رأيها في المستقبل، لذا أجمَعُ الأدلة و البراهين على ذلك.

تتساقط رسائل البريد الإليكتروني من القائمة فالشاشة لابد و أن تظهر نقية خالية من العوالق. بعضها كانت تلح منذ أيام و تظهر باللون الأحمر، و تطالب بإطلاق سراحها و إعادتها لوالدها البيولوجي أو بالتنبي الإجباري. و أخرى تبرز نفسها بعلامة تُظهر أهميتها لدى باعثها، و في الواقع ليست إلا إلتماساً لبياناتٍ لا تقدم و لا تؤخر، تعطي إحساساً لمرسلها بإنجاز مزعوم، و كأنه يتمسك بأي دلالةٍ تعطيه معنىً لعمله. رسالة أخرى تظهر على استحياء، تغازلها عيني، فتارة تجذبني و تارة أدفعها بغرور، أقنعها بأن تأتي بتذكير في الأسبوع المقبل، تستسلم لي و قد أنهكها التجاهل و أثقلتها كثرة التذكيرات. و رابعة تفاجئني بطغيانها، تقتحم الشاشة بدون استئذان، و في ظهيرة الخميس!!، نظراتها مخيفة، توحي بالتهديد لو تُجُوهِلت، استجمع شجاعتي لأصد عنها، لا أكاد أتمكن من ذلك حتى تكشفني فتشي بي، ثواني معدودة و يرن الهاتف، أحاول أن أظهر بمظهر القوي الذي يدير الموقف، يستمر الهاتف بالرنين فتخور قواي و أجيب، يأتي صوت بنبرة تشعرني بأن الشركة قد توقفت عن العمل و الموظفين حاروا و الحل هو في الرد على هذه الرسالة الآن، أجادل قليلا فأسمع الرد الآتي: لا وقت لدينا لنضيعه.

كومة أخرى من الرسائل التي تمر بجانبي، لا ناقة لي فيها و لا جمل، و لكن يأبى صاحبها أو تأبى هي إلا أن تريني وجهها بل و تزيد أحياناً، أحدها تستعرض قيمتها بعدد الأشخاص الذي حشروا في خانة (CC:) و أخرى بمناصبهم، أعيد نظري مرة أخرى إليها لأتأكد أنني لست الشخص الذي حدد بالنيشان، أقرؤها بشكل سريع جداً و غالبا يتم جرها بعد ذلك من رأسها و رميها في أرشيفٍ فمه دائماً مفتوح، و لا أذكر أبداً أنه شعر بالشبع.

و ثم اجتماع سريع أو بدا كذلك، يستمر لساعة نحاور فيه فلاسفة العصر الحديث و نربط بين نظرية النشوء التطور و التقدم التقني و تأثير ذلك على نفسيات الموظفين في مكتبنا الصغير، و في نهايته يتم تأجيل عرض النتائج إلى مناقشة أخرى مستقبلية، فمن يعلم، قد تتطور النظرية أو يتم اختراع منتجات تقنية جديدة تُحدث انقلاباً في النقاش.

نهاية اليوم، ورقة صفراء صغيرة فيها أبرز مهام الأسبوع القادم، المستمرة و المُرَحلة و الجديدة، لتبدأ إجازة نهاية الأسبوع.

أضف تعليق